«وَامْتازُوا» الواو حرف عطف امتازوا فعل أمر والواو فاعل «الْيَوْمَ» ظرف زمان والجملة مقول القول لقول محذوف «أَيُّهَا» منادى نكرة مقصودة والها للتنبيه «الْمُجْرِمُونَ» بدل والجملة مقول القول أيضا. وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ أي انقطعوا عن المؤمنين، وتميزوا منهم. يقال: مزت الشيء من الشيء- إذا عزلته عنه- فأنماز وامتاز وميزته فتميز
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ. عزمت بسم الله، إن الله تعالى يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ ا لْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(75). الحج. ( ولم يقل ومن الجن). ليبشروا وينذروا قومهم، فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48). إبراهيم. ولقد توعد الله تعالى المجرمين بالعذاب الأليم. فمن هم المجرمون؟ إن المجرمين حسب آيات الله تعالى هم الذين يُكذبون بآيات الله سبحانه ويستكبرون عنها. إِ نَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ(40). الأعراف. من المجرمين من يفترون على الله تعالى الكذب على لسان رسوله وخاتم الأنبياء، فيغيروا أحكام الله تعالى حسب هواهم، مثل تحريمهم الوصية للوالدين والأقربين، والتدخل في تقسيم الله تعالى للميراث، ورجمهم للزانية والزاني، ورمي الجمرات في منى، بدعوى رجم الشيطان الذي يراهم هو وقبيله ويضحك عليهم، لأنهم يتدافعون ويقتلون بعضهم بعضا.
الرحمان. وما أود التنبيه إليه هو يوم تبدل الأرض غبر الأرض والسماوات سوف يُنكس المجرمون رؤوسهم عند ربهم، ويعترفوا أنهم أبصروا وسمعوا، ويطلبون الرجوع ليعملوا صالحا (كما يعمل اليوم أهل التنوير). وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَ اكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12). السجدة. لقد صور لنا الله تعالى مشهد ذلك اليوم الرهيب، كيف يتخاصم المستكبرون مع المستضعفين ويلقي كل منهم اللوم على الآخر. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ(32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(33). سباء. وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ(99). الشعراء. إن المجرمين الذين استكبروا وكذبوا بآيات الله تعالى، واستبدلوا أحكامه بأحكام جاءت في كتب البشر، متناقضة لما أَنزل الله تعالى على رسوله محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، أقول إن المجرمين الذين كانوا في الدنيا من الذين آمنوا يضحكون، سوف يضحك عليهم الذين آمنوا يوم الدين.
تفسير قوله تعالى وامتازوا اليوم أيها المجرمون